جعل الله عز وجل للإنسان الضعيف منفذ الصلة به إليه يتقوى بها على أعدائه من داخل نفسه وخارجها.. وقلده معالمها بما أوحى به على لسان نبيه وسيرته حتى يحسن الصلة ويلتمس العون لنفسه ولباقي إخوته من عقيدته، فجعل الدعاء من أعظم أبواب الدخول عليه لأنه افتقار وتدلل وخضوع مشفوع بصادق الحب والتعظيم.
أنفع الأدوية
يقول الأستاذ لخضر مومن إن الدعاء من أنفع الأدوية، وهو عدو البلاء يدفعه ويعالجه ويمنع نزوله ويرفعه أو يخففه إذا نزل، وهو سلاح المؤمن ولأن الدعاء بما له من أهمية بالغة في حياة المسلم، فإننا كثيرا ما نطلب الدعاء من غيرنا. إن والدعاء من أقوى الأسباب في حصول المطالب ودفع المكاره، كما قال بن قيم الجوزية رحمه الله.
ضوابط
وبخصوص ضوابط الدعاء والوقت والمكان، يرى الأستاذ مومن أن المسلم إذا دعا لجماعة المسلمين حصلت هذه الفضيلة ولو دعا لجميع المسلمين فالظاهر حصولها أيضا، كما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم في رواية مسلم «من دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك الموكل به أمين ولك بمثل، أو كما علق الإمام النووي في شرحه للحديث، وإما قوله صلى الله عليه وسلم، بظهر الغيب فمعناه في غيبة المدعو له وفي سره لأنه أبلغ في الإخلاص، وفي هذا فضل الدعاء لأخيه بظهر الغيب".
ومن خلال ما تقدم يمكن التأكيد عند طلب الدعاء من الغير أن تراعى الضوابط الآتية:
أ. ألا يكون الطلب على سبيل الاعتياد والتواني في تركه للنفس.
ب. أن تنتفي علة الغرور والإعجاب بالنفس عند من طلب منه الدعاء لغيره.
ج.أن يكون طالب الدعاء يرجو النفع لنفسه ولغيره، ففي صحيح مسلم عن صفوان بن عبد الله بن صفوان وكان زوجا للدرداء قال:"قدمت الشام .فأتيت أبا الدرداء في منزله فلم أجده ووجدت أم الدرداء فقالت أتريد الحج العام؟ فقلت نعم، قالت فادعو الله لنا بخير فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه، قال الملك الموكل به أمين ولك بمثل."
فضائل
وأضاف، الداعية، أنه من خلال هده الرواية تتضح فضائل كثيرة للدعاء للغير بظهر الغيب نذكر منها:
•استجابة الدعوة وهو مطلوب كل مسلم وقد سبق أن السلف من أراد منهم دعوة دعا بها لأخيه بظهر الغيب.
•فضيلة مشاركة الملك الموكل في هذا الدعاء بالتامين.
•فضيلة قول الملك "ولك بمثل"، إن الدعاء ينتفع به الطالب له والداعي به سواء، وأما قول أم الدرداء"أتريد الحج ؟" ثم طلبت منه الدعاء لها بالخير، فيستفاد منه التماس إجابة الدعاء في الأماكن والأوقات الشريفة. فالمكان بيت الله الحرام والوقت وقت الحج. وهذه من أعظم أسباب الاستجابة، فالدعاء إذن للنفس أو للغير يطلب له، فبشرف الوقت والمكان والحال يشرف الداعي ويكون الدعاء اقرب إلى الاستجابة. ولعل من نافلة القول أن نشير إلى انه ينبغي أن يكون عليه حال القلب من انكسار وتجمل بالإخلاص وحضور ويقين على الله عز وجل وكمال توكل، قال الله تعالى " ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب".
عبودية الافتقار
وذكر الأستاذ مومن أن الطلب للغير مشاركة واشتراك ففي صحيح الجامع نقرأ قوله صلى الله عليه وسلم "من استغفر للمؤمنين والمؤمنات، كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة" وإنه تعميق وتوثيق للروابط الإيمانية والوشائج الأخوية في الله تعالى. وإنه تدريب على الإخلاص وتحفيز على أعمال الإسرار.
وأردف المتحدث أن الدعاء عبودية الافتقار، وكلما عظم عند العبد شأنه كان أكمل وأعظم شهودا لفقره وأوصي عنه بعدم استغنائه ولو لطرفة عين، لذلك كان دعاؤه صلى الله عليه وسلم "أصلح لي شأني كله ولا تكلني لنفسي طرفة عين ولا اقل من دلك" فيا طالب النفوذ عند الملك استغن بالفقر إليه تنل المراد في الدنيا والآخرة، وليكن لك خبيئة عمل وصحبة صدق تدعوك إليه وتدعوه لك