بمناسبة الثامن من مارس.. فاطمة أحمد إبراهيم المرأة النموذج
بقلم :
اليوم 8 مارس 2014 ، مناسبة عزيزة وغالية ، اليوم العالمي للمرأة "، وفيه يحتفل عالميًا بالإنجازات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للنساء. الاحتفال بهذه المناسبة جاء على إثر عقد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي والذي عقد في باريس عام 1945. ومن المعروف أن اتحاد النساء الديمقراطي العالمي يتكون من المنظمات الرديفة للأحزاب الشيوعية، وكان أول احتفال عالمي بيوم المرأة العالمي رغم أن بعض الباحثين يرجح ان اليوم العالمي للمرأة كان على إثر بعض الإضرابات النسائية التي حدثت في الولايات المتحدة .
في هذه الذكرى يشرفني كثيرا أن أرسل التهنئة الخالصة لأستاذتي و " المرأة النموذج " فاطمة أحمد إبراهيم أول برلمانية سودانية عربية إفريقية ، وأترحم على أرواح كل النساء السودانيات الكنداكيات المناضلات اللائي قدمن بطولات يعتز بها الشعب السوداني ، وهنا لا أفرق بين شمال وجنوب السودان ، وأذكر جيدا عندما إستدعينا ها في الكويت فأدهشت النساء الكويتيات وغيرهن اللائي تزاحمن لحضور محاضرتها والإستماع إلى حديثها العذب ، الحقائق بلا رتوش ، مسيرة طويلة رائعة من النضال والكفاح من أجل المرأة في كل مكان ، وحق أن تتوج برئاسة إتحاد النساء العالمي ، هكذا يوم 8 مارس هو يوم فاطمة أحمد إبراهيم وكل الكوكبة الرائعة من النساء السودانيات اللائي قدمن أجمل البطولات والتضحيات من أجل حاضر ومستقبل النساء في السودان وخارجه .
لن أتحدث في مثل هذا اليوم عن النساء السودانيات ، ولكن يكفي فقط أن تتذكروا الكنداكيات ليس في الماضي فحسب بل في الحاضر
الراهن ، لن أحدثكم عن العشرات من السودانيات الكنداكيات اللائي واجهن و يواجهن الموت والتعذيب والقهر بقوة وصلابة مدهشة وعن قناعة بحق الإنسان السوداني في الحياة الكريمة وفي العدالة الإجتماعية ،لن أتحدث عن الحركة النسائية السودانية وعن الروابط والمنظمات والإتحاد النسائي السوداني ، فكل ذلك هو تاريخنا الموثق والمكتوب .
•
نجلاء سيداحمد ، لبنى حسين ، هندوسه ، صفيه إسحق ، جليله خميس ، حوا جنقو ، أمل هباني ، علويه كبيدة ، خديجة بدر ، أميرة عثمان و أخيرا وليس أخيرا سمر أبنعوف ، هذه ليست أسماء قصص قصيرة أو روايات أو من ألف ليلة وليلة أو مسرحيات أو أفلام سينمائية ، إنما هي أسماء نساء سودانيات ، كلما فبركوا أو جلدوا أو أهانوا أوعذبوا أوسجنوا أو قتلوا إحداهن ، ولدت أخرى ، هن إمتداد لفاطمة أحمد إبراهيم .
هل تذكرون قصيدة الشاعر الراحل المقيم علي عبد القيوم :
نحن النساء العاملات
ونحن أمهات الشهداء
اباؤهم نحن
اخوانهم نحن
اخواتهم نحن
صدورنا شرافة الكفاح
عيوننا طلائع الصباح
اكفنا الراية البيضاء والسلاح
نبايع السودان سيدا
نبايع الثورة والداً وولدا
يا أكتوبر الحزين
يا طفلنا الذى جرحه العدا
ها نحن نصطفيك موعدا ومولدا
ها نحن يا حبيبنا الجريح
نعيد مجدك القديم شامخاً ورائعا
فلتستريح على صدورنا
ولنكتشف معاً دروبنا
نبايع السودان سيدا
نبايع السودان والداً وولدا.
ولو أمد الله في عمره قليلا لقال نبايع فاطمة أحمد إبراهيم زعيمة و أما وأختا .
عالميا جميعكم تتابعون الإنتصارات التي حققتها المرأة في كثير من بلدان العالم ، وشهيدات الحركة النسوية العالمية ، سودانيا شهد العالم أجمع لإنتصارات المرأة السودانية رغم الخزي والعار الملتصق بنظام المؤتمر الوطني ، عربيا و في أول بلد عربي إنطلقت منه ما يعرف بثورات الربيع العربي ، وأعني تونس ، تم تقلد الرجال المناصب الوزارية القيادية ، وتراجع دور المرأة التونسية ، ولو سئل " البوعزيزي " لماذا أحرقت
نفسك ؟ لقال : من أجل الظلم والقهر الواقع على نساء بلدي .
وفي مصر ثاني بلد عربي في منظومة ثورات الربيع العربي تقلد ألأخوان المسلمون الحكم والسلطة ، ولكن تم عزل المرأة المصرية عن منجزات ثورة 25 يناير ، إذ شغلت المرأة 12 مقعدا فقط من مجموع 508 مقعد في مجلس الشعب !!
وفي ليبيا حيث سقط القذافي مقتولا بعنف شديد وسقوط
آلاف الليبيين ، وفي أول إنتخابات ديموقراطية لإنتخاب المجلس المحلي لمدينة مصراته العظيمة التي قضيت فيها أجمل أيام حياتي كانت النتيجة : ثمانية وعشرون رجلا وصفر للنساء .
نتائج الأحداث في سوريا لم تظهر بعد ، ولكن من الواضح أن مزيدا من الإنتكاسات ستصيب المرأة السورية في مقبل الأيام ..والأخبار التي تكشف عنها وكالات الأنباء تعكس وضعا مأساويا للمرأة في سوريا .
وفي السودان التي لم تهزها ثورات الربيع العربي جلدت إمرأة على مرأى ومسمع الجميع ، وشنقت أخرى ، وقمعت بعنف ظاهرة " لا لقمع النساء " ، وواجهت الناشطات السياسيات ليس في السودان فحسب بل في جميع البلدان العربية وليس فقط من قبل قوات الأمن ، وإنما من قبل رجال يعارضون وجودهن في الحياة اليومية ، والشواهد على ذلك كثيرة جدا ، حتى أصبح المعادل الموضوعي المأساوي لإعتلاء السلطة والقيادة المزيد من تقليص حقوق المرأة .
ا لغريب في الأمر أن كل الخطوات التي أنجزت في مجال توسيع الديموقراطية والتي من المفترض أن تؤدي إلى توسيع حقوق المرأة أدت إلى العكس تماما !!
هكذا وباختصار شديد الآفات الثلاث التي عانت منها البلدان العربية عبر سنين طويلة من النضال والكفاح وهي : المعرفة ، الحرية وتمكين المرأة ذهبت أدراج الرياح .
في السعودية " ويا للهول " ما زال ممنوع أن تقود المرأة سيارة ، وقد أثبتت أنها يمكن أن تقود " طيارة " !!!
ويبقى السؤال المهم : هل حقيقة أن حقوق المرأة قضية متعلقة بقيم المجتمع الغربي فقط ؟
أيضا الغريب في الأمر وفي كثير من البلدان العربية والإسلامية نجد دعوات تتفق تماما مع تعاليم الإسلام نحو المرأة ، ولكن الناتج صفر على الشمال .
أنظروا فقط لحالة المرأة عند مناقشة الدساتير في الوطن العربي ، النتيجة عزل تام للمرأة ، لأن الفهم السائد هو : المرأة ناقصة عقل ودين !
في جميع ثورات الربيع العربي ناضلت المرأة بشجاعة مع الرجل من أجل التغيير نحو الأفضل ، من أجل تحقيق العدالة الإجتماعية والكرامة والشفافية وعدم الإقصاء .
أهنئك يا فاطمة وأهنيء كل النساء السودانيات المناضلات وكل نساء العالم المناضلات الصامدات.