ورد في الحديث الذي ما معناه: (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه) إلى أن قال: ويكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد، والسؤال يبقى سماحة الشيخ: هل الشقاوة والسعادة هي شقاوة الآخرة أم شقاوة الدنيا, أعني هل يكتب الإنسان من أهل الجنة أو من أهل النار؟
نعم هذا جاء في الحديث الصحيح، في الصحيح عن ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يجمع خلق ابن آدم، النبي -صلى الله عليه وسلم- في أول المخلوق قال: (إنه يكون أولا في الأربعين الأولى نطفة، ثم الأربعين الثانية علقة -وهي قطعة الدم-، ثم في الأربعين الثالثة يكون مضغفة -قطعة اللحم-، وبعد كمال مائة وعشرين ينفخ فيه الروح، ويكتب عمله وأجله ورزقه وشقاوته وسعادته، هكذا جاء في الصحيحين: يُكتب رزقه وعمله شقي أو سعيد، رزقه مكتوب، عمله مكتوب، شقاوته سعادته كل هذا مكتوب، وليس للعبد إلا ما كتب الله له، في هذه الدنيا وفي الآخرة كذلك، فالسعيد يوفق لعمل أهل السعادة، والشقي يوفق لعمل أهل الشقاوة. مثلما سألوا قالوا: يا رسول الله: إذا كانت مقاعدنا معلومة من الجنة والنار ففيما العمل؟ قال -عليه الصلاة والسلام-: (اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة، ثم تلا قوله -سبحانه-: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى[الليل: 5- 10]، فالإنسان على ما كتب الله له ييسر،كتب سعيداً يسره الله لعمل أهل السعادة، وإن كتب شقياً يسره الله لعمل أهل الشقاوة، أعطاه الله العقل، أعطاه البصيرة، أعطاه السمع والبصر، وكل ميسر لما خلق له، كما قال الله -جل وعلا-: وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ[النحل: 78]، فهم قد أعطوا الآلات: السمع، والبصر، والعقل، وأرسل الله الرسل، وأنزل الكتب، فمن سبقت له السعادة يسر الله له القبول إلى العمل الطيب، وسار في طريق السعادة، ومن كان شقياً سار في طريق الشقاوة، نسأل الله العافية.