كريم حسين
شهد عام 2012 سلسلة كوارث طبيعية تعددت أشكالها ما بين أعاصير وزلازل وفيضانات وانهيارات ثلجية وبرد قارس، وأدت إلى مقتل آلاف الأشخاص وإجبار مئات آلاف آخرين على إخلاء مساكنهم، كما تميز هذا العام بتحركات دولية مكثفة في مجال مكافحة ظاهرة الانحباس الحراري توجت باحتضان العاصمة القطرية الدوحة قمة المناخ العالمية الثالثة التي أقرت في ختام أعمالها اتفاقا يقضي بتمديد العمل ببروتوكول كيوتو حتى العام 2020.
الأعاصير
وقد تجلى غضب الطبيعة بأعتى صوره عام 2012 عبر إعصار عنيف أطلق عليه "ساندي" اجتاح السواحل الشرقية للولايات المتحدة، وخلف 109 قتلى على الأقل من بينهم أربعون في مدينة نيويورك وحدها، في حين بقي عشرات آخرون في عداد المفقودين .
وكان الإعصار ساندي قد خلف قبل وصوله السواحل الأميركية 69 قتيلا في منطقة البحر الكاريبي من بينهم 54 في هايتي و11 في كوبا.
وتعرضت مناطق الغرب الأوسط الأميركي أيضا لإعصار عنيف آخر هو إعصار إيزاك الذي نشر الدمار عبر سواحل الولايات المطلة على خليج المكسيك، وأودى بحياة ثلاثين شخصا على الأقل أثناء اجتياحه البحر الكاريبي وولايتي لويزيانا وميسيسبي.
وفي آسيا تسبب إعصار "بوفا" -الذي ضرب المناطق الجنوبية من الفلبين- بسقوط أكثر من ألف قتيل غالبيتهم في جزيرة مينداناو، كما تسبب في تشريد مئات الآلاف من السكان، وإلحاق دمار هائل بالمباني والبنى التحتية في المناطق التي ضربها.
الزلازل
شهد العام أيضا وقوع سلسلة من الزلازل العنيفة كان أولها زلزال بقوة سبع درجات على مقياس ريختر ضرب مناطق واسعة من شرقي وشمالي شرقي اليابان في اليوم الأول منه.
وتعرضت الأجزاء الشمالية من اليابان مجددا في 14 مارس/ آذار إلى زلزال عنيف بلغت قوته 6.8 درجات على مقياس ريختر من دون وقوع ضحايا أو أضرار، بينما صدرت تحذيرات من موجات مد عاتية(تسونامي).
إيطاليا لم تسلم هي الأخرى من الزلازل حيث تعرض الجزء الشرقي الشمالي منها في مايو / أيار لعدد منها بلغ شدة أعنفها 5.8 درجات بمقياس ريختر، وتسببت بمجملها بمقتل 22 شخصا وسقوط عشرات الجرحى.
أما الفلبين فتعرضت أيضا لزلزال بقوة 6.9 درجات بمقياس ريختر أدى إلى حدوث انهيارات أرضية وانهيار بعض المنازل، وأسفر عن مقتل 43 شخصا على الأقل وعشرات المفقودين بين الأنقاض والرواسب الطينية.
الصين كانت بدورها مسرحا لزلزالين عنيفين ضربا الأجزاء الجنوبية الغربية منها وخلفا ثمانين قتيلا ومئات الجرحى، إضافة إلى نزوح عشرات الآلاف من منازلهم بعد أن لحقت بها أضرار جسيمة.
كما ضرب زلزالان قويان منطقة تبريز شمالي غربي إيران، وتسببا بسقوط ثلاثمائة قتيل وأكثر من ألفي مصاب.
فيضانات وثلوج
ومن الكوارث الأخرى التي شهدها عام 2012 الفيضانات التي اجتاحت عدة دول وخلفت مئات القتلى والجرحى.
ففي روسيا اجتاحت فيضانات ناجمة عن سيول غزيرة منطقة كراسنودار جنوب غربي البلاد وأدت إلى مصرع 134 شخصا وإغراق آلاف المنازل، كما قتل 88 شخصا وشرد عشرات الآلاف من الكوريين الشماليين جراء فيضانات عارمة اجتاحت البلاد.
وفي الهند قتل أكثر من 120 شخصا ونزح ستة ملايين من منازلهم بسبب الفيضانات الناتجة عن الأمطار الموسمية التي اجتاحت مناطق عدة في الهند.
كما تعرضت المناطق الجبلية بشمال أفغانستان هي الأخرى لفيضانات عارمة تسببت بمقتل عشرات الأشخاص. وكانت أفغانستان أيضا مسرحا لسلسلة من الانهيارات الثلجية تسببت بمقتل قرابة تسعين شخصا.
وضربت الجزائر موجة برد شديدة تساقطت جراءها الثلوج بكثافة مما أدى إلى مصرع 44 شخصا وإجبار السلطات على إلغاء رحلات جوية داخلية ودولية، كما اتخذت السلطات في أوروبا إجراءات مماثلة بعد أن حصدت موجة من البرد القارس أرواح المئات.
تحطم طائرات
وكان العام 2012 حافلا أيضا بعدة كوارث جوية تسبب أسوأها بمقتل 153 شخصا في نيجيريا جراء تحطم طائرة ركاب تابعة لشركة "دانا إير "بعد اصطدامها بمبنى من طابقين في أحد أحياء لاغوس العاصمة الاقتصادية للبلاد، أثناء محاولتها الهبوط قادمة من العاصمة أبوجا.
باكستان كانت هي الأخرى مسرحا لواحدة من أسوأ الكوارث الجوية حيث تحطمت طائرة تابعة لشركة "بهوجا" المحلية كانت في طريقها من كراتشي كبرى مدن البلاد ومركزها التجاري إلى العاصمة إسلام آباد بسبب سوء الأحوال الجوية، مما أدى إلى مصرع جميع ركابها، وعددهم نحو 130 شخصا.
كما شهد العام تحطم مروحيات في الكونغو والسودان وأفغانستان تسبب بوقوع عدة قتلى.
غرق عبارات
وسجلت في هذا العام أيضا حوادث غرق عدة عبارات وقوارب في عدة بلدان آسيوية بسبب غياب معايير السلامة واكتظاظ القوارب بالركاب.
ومن بين اسوأ تلك الحوادث غرق عبارة تقل قرابة مائتي شخص في نهر بجنوب بنغلاديش مما تسبب بفقدان 150 منهم على الأقل، بينما تم إنقاذ نحو 35 فقط.
الحادث الآخر تمثل بانشطار عبارة مكتظة بما يفوق قدرتها على الحمولة إلى شطرين وغرقها أثناء عاصفة في نهر شمال شرق الهند، مما أسفر عن 64 قتيلا و130 مفقودا.
وفي إيران لقي 17 شخصا حتفهم في غرق عبارة كانت تقوم برحلة بين جزيرة هرمز وميناء بندر عباس جنوبي البلاد.
كما غرقت عبارة تقل 350 شخصا قبالة الساحل الشرقي لبابوا غينيا الجديدة، ونجحت جهود الإنقاذ في انتشال اكثر من مائتين من ركابها.
وفي أوروبا توفي ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص وفقد العشرات إثر جنوح سفينة سياحية قبالة الساحل الغربي لإيطاليا، بينما اعتقل قبطان السفينة بتهمة القتل الخطأ والتسبب في غرق السفينة والتخلي عنها.
حرائق
ووقعت في هذا العام سلسلة من الحرائق كان أضخمها في مصنع للأقمشة والنسيج في مدينة كراتشي كبرى المدن الباكستانية مخلفا أكثر من 250 قتيلا، وفي مصنع للملابس في ضواحي العاصمة البنغالية دكا مخلفا 120 قتيلا.
وفي الولايات المتحدة خلفت حرائق الغابات في كولورادو قتيلا واحدا على الأقل ودمر 346 منزلا, واضطر 35 ألف شخص إلى النزوح عن ديارهم.
كما نشبت حرائق في غابات بالولايات الغربية وأسفرت عن تدمير عشرات المنازل وأتت على مساحة تقدر بآلاف الأفدنة. وفي إسبانيا فر آلاف الأشخاص من حرائق الغابات في جزر الكناري.
قمة المناخ
وقبل أن يسدل الستار على هذا العام احتضنت الدوحة قمة المناخ العالمية الثالثة التي أقرت نحو مائتي دولة في ختام أعمالها تمديد العمل ببروتوكول كيوتو حتى العام 2020 بدءا من الأول من يناير/ كانون الثاني 2013، رغم معارضة روسيا وبولندا.
ويعد البروتوكول الاتفاقية المناخية الوحيدة التي تلزم حوالي 35 دولة متقدمة بخفض الانبعاثات المسببة لظاهرة الانحباس الحراري.
وكانت ست دول أوروبية تعهدت في مفاوضات الدوحة بتقديم أكثر من 6.85 مليارات يورو للعامين المقبلين بزيادة عن 2011 و2012، بينما تقدر الأمم المتحدة حاجات الدول النامية والفقيرة إلى مائة مليار دولار.