الصومال (بالصومالية: Soomaaliya)، وتعرف رسميا باسم جمهورية الصومال (بالصومالية: Jamhuuriyadda Soomaaliya) وكانت تعرف فيما قبل باسم جمهورية الصومال الديموقراطية، هي دولة تقع في منطقة القرن الإفريقي في شرق أفريقيا. توصف الصومال بأنها دولة فاشلة وأحد أفقر وأعنف الدول في العالم.
تقع الصومال في منطقة القرن الإفريقي. ويحدها من الشمال الغربي جيبوتي، وكينيا من الجنوب الغربي، وخليج عدن من الشمال والمحيط الهندي من الشرق وأثيوبيا من الغرب. وتملك أطول حدود بحرية في قارة أفريقيا. تتسم تضاريسها بالتنوع بين الهضاب والسهول والمرتفعات. مناخها صحراوي حار على مدار السنة مع بعض الرياح الموسمية والأمطار غير المنتظمة.
كانت الصومال قديما أحد أهم مراكز التجارة العالمية بين دول العالم القديم. حيث كان البحارة والتجار الصوماليون الموردين الأساسيين لكل من اللبان (المستكة) ونبات المر والتوابل والتي كانت تعتبر من أقيم المنتجات بالنسبة للمصريين القدماء والفينقيين والمايسونيين والبابليين، الذين ارتبطت بهم جميعا القوافل التجارية الصومالية وأقام الصوماليون معهم العلاقات التجارية.[6][7] وبالنسبة للعديد من المؤرخين ومدرسي التاريخ، يرجح أن تكون الصومال في نفس موقع مملكة البنط القديمة والتي كانت تربطها علاقات وثيقة مع مصر الفرعونية خاصة في عهدي الفرعون "ساحو رع" من ملوك الأسرة الخامسة عصر الدولة القديمة، والملكة "حتشبسوت" من ملوك الأسرة الثامنة عشر عصر الدولة الحديثة.[8][9][10][11] ويرجح ذلك التكوينات الهرمية والمعابد والمباني التي تم بنائها بالجرانيت والرخام والتي يرجع زمانها إلى نفس الفترة التي يرجع إليها مثيلتها من المباني في مصر القديمة.[12] وفي العصر القديم، تنافست العديد من الدويلات التي نشأت في بعض مناطق الصومال مثل شبه جزيرة حافون ورأس قصير ومنطقة مالاو مع جيرانهم من مملكة سبأ والأرشكيين والأكسميين على التجارة مع ممالك الهند والإغريق والرومان القديمة.[13]
ومع ميلاد الإسلام على الجهة المقابلة لسواحل الصومال المطلة على البحر الأحمر تحول تلقائيا التجار والبحارة والمغتربين الصوماليين القاطنين في شبه الجزيرة العربية إلى الإسلام وذلك من خلال تعاملهم مع أقرانهم من التجار العرب المسلمين. ومع فرار العديد من الأسر المسلمة من شتى بقاع العالم الإسلامي خلال القرون الأولى من انتشار الإسلام بالإضافة إلى دخول أغلبية الشعب الصومالي إلى الإسلام سلميا عن طريق المعلمين الصوماليين المسلمين الذين عملوا على نشر تعاليم الإسلام في القرون التالية، تحولت الدويلات القائمة على أرض الصومال إلى دويلات ومدن إسلامية مثل مدن مقديشيو وبربرة وزيلع وباراوا ومركا والذين كونوا سويا جزء من الحضارة البربرية. وقد عرفت مقديشيو بعد انتشار الإسلام في الصومال باسم "مدينة الإسلام"[14] كما تحكمت في تجارة الذهب في منطقة شرق إفريقيا لقرون طويلة.[15] وفي العصور الوسطى، سيطرت على طرق التجارة العديد من الإمبراطوريات الصومالية القوية، منها إمبراطورية عجوران والتي حكمت المنطقة في الفترة بين القرنين الرابع عشر والسابع عشر للميلاد والذي برعت في الهندسة الهيدروليكية وبناء الحصون،[16] وكذلك سلطنة عدل والتي كان قائدها الإمام أحمد بن إبراهيم الغازي الملقب "بالفاتح" أول عسكري إفريقي يستخدم المدفعية العسكرية على مدار التاريخ خلال حربه ضد إمبراطورية الحبشة[17] في الفترة الممتدة بين عام 1529 وحتى عام 1543، وأيضا حكام أسرة جوبورون والتي أرغمت سيطرتهم العسكرية حكام مدينة لامو من سلاطين الإمبراطورية العمانية على دفع الجزية للسلطان الصومالي أحمد يوسف، رابع سلاطين أسرة جوبورون والذي حكم في الفترة الممتدة بين عامي 1848 حتى 1878.[18] وخلال القرن التاسع عشر وبعد انعقاد مؤتمر برلين عام 1884، أرسلت الإمبراطوريات الأوروبية العظمى جيوشها إلى منطقة القرن الإفريقي بغية السيطرة على هذه المنطقة الإستراتيجية في العالم مما دفع الزعيم محمد عبد الله حسان، مؤسس الدولة الدرويشية، إلى حشد الجنود الصوماليين من شتى أنحاء القرن الإفريقي وبداية واحدة من أطول حروب المقاومة ضد الاستعمار على مدار التاريخ.
استطاعت الصومال في البداية مقاومة الاستعمار.] حيث تمكنت دولة الدراويش من صد هجوم الإمبراطورية البريطانية أربع مرات متتالية وأجبرتها على الانسحاب نحو الساحل. وهزمت دولة الدراويش في عام 1920 عندما استخدمت القوات البريطانية الطائرات خلال معاركها في إفريقيا لقصف "تاليح" عاصمة الدولة الدرويشية وبذلك تحولت كل أراضي الدولة إلى مستعمرة تابعة للإمبراطورية البريطانية. كما واجهت إيطاليا نفس المقاومة من جانب السلاطين الصوماليين ولم تتمكن من بسط سيطرتها الكاملة على أجزاء البلاد المعروفة حاليا بدولة الصومال إلا خلال العصر الفاشي في أواخر عام 1927 واستمر هذا الاحتلال حتى عام 1941 حيث تم استبداله بالحكم العسكري البريطاني. وظل شمال الصومال مستعمرة بريطانية في حين تحول جنوب الصومال إلى دولة مستقلة تحت الوصاية البريطانية إلى أن تم توحيد شطري الصومال عام 1960 تحت اسم جمهورية الصومال الديموقراطية.
ونتيجة لعلاقاتها الأخوية والتاريخية مع مختلف أقطار الوطن العربي، تم قبول الصومال عضوا في جامعة الدول العربية عام 1974. كما عملت الصومال على توطيد علاقاتها بباقي الدول الإفريقية، فكانت من أولى الدول المؤسسة للاتحاد الإفريقي، كما قامت بدعم ومساندة المؤتمر الوطني الإفريقي في جنوب إفريقيا ضد نظام الفصل العنصري،[23] وكذلك دعم المقاتلين الإيرتريين خلال حرب التحرير الإيريترية ضد إثيوبيا.[24] وكونها إحدى الدول الإسلامية كان الصومال واحدا من الأعضاء المؤسسين لمنظمة المؤتمر الإسلامي وكذلك عضوا في منظمة الأمم المتحدة وحركة عدم الانحياز. وبالرغم من معاناته جراء الحرب الأهلية وعدم الاستقرار على المستوى الداخلي، نجح الصومال في إنشاء نظام اقتصادي حر يفوق العديد من الأنظمة الاقتصادية الإفريقية الأخرى حسب دراسة لمنظمة الأمم المتحدة.