تعريف للوطنية ...
جمال عيد العتايقة – أبو ظبي
ليس غريبا على الإنسان أن يخلع ثوب إنسانيته التي رآه الناس فيه واعتادوه به، ويلبس ثوبا آخر لم يكن يرتديه من قبل ، فيتحول إلى مخلوق آخر يجمع في جسده أرواحا متعددة ، وعقلا يحوي الكثير من الأفكار الكيدية التي يرسمها للإطاحة بمن هو أمامه ، خاصة عندما تتعلق الأمور بأعز ما يملك في هذه الدنيا، وعندها يطلب منه القيام بأدوار لم يكن معتادا على القيام بها من قبل ، فربما يتطلب منه الأمر إلى أن يتحول في تلك اللحظة من مدافع إلى مهاجم ، ومن مهادن إلى ثائر ، ومن متراخي إلى حازم جاد في موقفه ، بل ربما إلى جاد في حياته كلها.
إن الوطنية الصادقة هي الزناد الذي يقدح في سراج العقل ليذكي فيه روح المواطنة الصادقة ، فيمزق عتمة طالما خيمت على العقول ، ويبدد سحابة عارضة أخفت وراءها شمس لم تغب ، وزالت غشاوة كانت قد أسدلها الزمان على جميع جوارحه . ويبدأ بعده بترديد بعض المعاني العميقة التي عرتها له المواقف الحرجة وكشفتها له شمس المواجهة ، فيبدأ بتعريف الوطن بكلمات صادقة :
الوطنُ كلمة انتماء ترمز للوحدة والمنعة والقوة ...
منبع دفاق بالعز و الكرامة والفخر والتباهي ...
كلمة لها إيحاؤها الخاص ووقعها على النفس ...
فعند ذكرها يكون لها جرس خاص على اللسان ...
يصدح في فلك الوطنية الصادقة حتى يستقر في ذهن الإنسان ...
شريط حافل بالذكريات، يحيك خيوطها ماض عريق أصيل ، وحاضرٌ واعد محافظ، ومستقبل منتظر زاهر.
وبعد ذلك كله نؤكد على أن المواطن المنتمي الواعي ثروة حقيقية يجب عليه أن يستغل نفسه جيدا، فهو الخادم المخلص لوطنه، الأمين على مصالح بلده ، والوفي لمكتسباته ، والانتماء هو الوجود الحقيقي لهذا الإنسان الذي يجب أن يترجمه إلى كلّ صور العطاء والوفاء والإخلاص والتفاني ، وقبل ذلك كله يجب أن يلبس عقد الوحدة والتلاحم ، وبدون هذه الإحالات كلها فإن المواطن يصبح ناقصا والولاء مكلوما والوفاء وهميّا .
فحب الوطن أكبر من أن تصفه كلمات محدودة أو تصوغه عبارات منقولة فهو مشاعر كامنة في النفس لا تتردد ومواقف رجولية صادقة ، وإنجازات على أرض الواقع.